يسألني العديد من الاصدقاء عن سبب تغييريّ لشكلي وتربيتي لشعري «القعشة» حتى اصبح بهذا الشكل ، والبعض يلومني ، والأخر ينتقدني ، وهناك من اعجبتهم "قعشتي" ايضآ !
-
في البداية ، احب ان اشكر الجميع عن سؤالهم عني واهتمامهم بي ، وفي الوقت نفسة احب ان اوضح للجميع عن سبب تربيتي لشعري «القعشة» وعدم قصّها .
-
كانت البداية منذ حوالي العام أو يزيد ، وذلك عندما بدأ شعري يكبر واصبح اطول مما اعتدت علية ، ولكني تعمدت تركة على ما هو علية ، وقلت لنفسي ، لن "احلقّ" إلا عندما انتهي من جميع اختباراتي في الجامعة ، كما إي طالب عادي مشغول بالمذاكرة ، وبلفعل لم اذهب إلى "الحلاق" طوال تلك المدّة ، وانتظرت إلى حين اجتاز جميع الاختبارات .
-
ولكن -وعلى غير العادة- حدث شيءٍ مُفاجئ لمّ يكن على الحُسبان وغبتُ عن بعض الامتحانات لأسباب خاصةٍ بي ، حالت بيني وبين حضوري إلى الجامعة ، عندها اضطريتُ إلى إلغاء فكرة الذهاب إلى"الحلاق" إلى حين الانتهاء من جميع الاختبارات في الدورة التكميلية بالكلية .
-
وفي تلك الاثناء تفاقمت الاوضاع في "دماج" ، واندلعت العديد من الحروب على محيط محافظة "صعدة" ، وفتحت العديد من الجبهات لمحاربة ابناء هذه المحافظة الابية ، عندها كنت اتقطع آلمٌ وحزناً على إخواننا هناك ، وقلت لنفسي ، لن اقصّ "شعري" إلا عندما يكشف الله السوء عن "صعدة" ويفك اسرها من هذا الحصار الغاشم ، تضامناً معهم ، وفعلاً استطاع ابطال "صعدة" من دحرّ هذا الطغيان وإلحاق الهزيمة باعدائهم .
-
عندها ارتاح قلبي قليلاً ، وقررت حين اذً من قصّ «القعشة» .
ولكن -وبشكل سريع- فتحت العديد من الجبهات الأخرى ضدّ «الحوثيين» في أماكن مختلفة إنتقاماً لهزيمتهم السابقة في محيط "صعدة" ، وأشدّها كانت في منطقة "حاشد" وماحولها ، وعند ذلك الوقت لمّ يُطاوعني قلبي من الذهاب إلى "الحلاق" والإستمتاع بالدنياء وملذاتها ، في الوقت الذي تشنّ فيه الحروب، وتقتل فيه الأرواح، وأنا اذهب إلى الحلاق كي أقصّ شعري !!
كنتُ سابدو بمظهراً غير لائق حقاً ، وانتظرتُ إلى حين يكشف الله الغمّة عن ابناء "حاشد" ، ويستتب الآمن هناك ، وتتحسن الأوضاع ، ويسقط من عاثوا في الأرض الفساد "بيت الاحمر" ، عندها فقط سوف اقصّ شعري .
-
وفعلاً استطاعت أسود "حاشد" من إسقاط "الحُمران" وانتصروا على اصنامهم هناك التي كانت جاثمة على صدورهم عقوداً طويلة من الزمن .
عندها فقط ، تعافت القلوب وجبرت الجراح ، وقلت لنفسي : الآن آن الآوان لكي اقصّ شعري ، خاصةٍ وقد تطورت الاوضاع "فوق رأسي" و اصبح شعري اطول من السابق ، وقد تجاوز طولة الحدّ المعقول نسبياً .
-
ولكن ، ما هي إلا ايام قليلة حتى انتفضّ ابناء "عمران" واندلعت ثورتهم الأبية لإسقاط "دماج" و"القشيبي" ، وقدّ تفاقمت الأوضاع اكثر حينما قرر "القشيبي" اللعب بالنار ومواجهة الثوار وقتل المتظاهرين ، حينها لمّ يُطاوعني فؤادي للذهاب إلى الحلاق والتجول في الطرقات ، والناس يموتون في "عمران" وكان هذا اقل واجب يمكن ان نقدمة لهم إلى جانب الدعاء ، وهو التضامن معهم ، والاستشعار باوجاعهم ، والتألم من آلامهم ، حتى ولو كان عن طريق الكفّ عن الفرح والتعبير عن الحزن من خلال المظهر ، وهذا اضعف الإيمان ، وهو ما تعلمناه من رسولنا الكريم القائل : ( من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم ) .
-
وفي تلك الفترة اذكر بأن شعري قد اصبح طويل جداً ، وكنت لا استطيع الخروج من المنزل إلا وأنا متوشح بالشال كي اغطي شعري ، والحمد لله ، تلك الفترة لم تطول كثيراً ، وبدأت بشائر النصر في "عمران" تلوّح في الأفق ، وجأت البشرى اخيراً بسقوط "القشيبي" ومن تبعه من الغاوين ، وقرّت اعيننا بانتهاء المعارك هناك .
عندها قلت لنفسي: لقد اصبحت الاجواء مهيّئة افضل من السابق ، وأخيراً حان الوقت لاقصّ شعري والتخلص من هذا الحمّل الثقيل والعودة إلى حالتي الطبيعية.
-
ولكن جرت الاحداث بعكس ما كان مخطط له ، ففي الوقت الذي لمّ ينتهي فيه الثوار من رفع مخيماتهم في "عمران" ، حتى بدأت حكومة "صنعاء" من تعكّير صفو حياة الشعب ، وتنغيصه في معيشتة بالازمات المفتعلة ، وإعدام المشتقات النفطية من المحطات ، وانقطاع التيار الكهرباء والتي لم تكن وليدة يومها بل كانت تحدث بشكل متكرر (غير منتظم) على مدار الثلاثة الاعوام الماضية ، وقد تزايدت حدتها في الفترة الاخيرة ، وقد جاءت "الجرعة السعرية" لتشعل فتيل الانتفاضة العظيمة وتندلع ثورة "الجياع" المجيدة التي لفضت اخر اعداء للوطن واخبثهم وهروبهم مذمومين مدحورين في اليوم الحادي والعشرين من شهر سبتمبر المجيد.
-
لم أكن اعلم باني سأقصّ شعري في مناسبة عظيمة كهذه ، في الوقت الذي كان جلّ طموحاتي وأقصاها هي الإنتهاء من الإمتحانات فقط ، ولم أدري إن أقدار السماء كانت تخبىء لي شيءً مغايراً لما كنت مخطط له ، فقد شائت هذه الاقدار أن تكون هذه "القعشة" شاهدةٍ على اكثر الاحداث أثارةٍ في اليمن ، وان تعاصر ابرز المتغيرات التي مرّت بها هذه البلاد .
-
والحمدلله انتصرت إرادة الشعب ، وانتظرتُ إلى ان توقع كافة الاتفاقيات ، وكذا إلى حين ترفع المخيمات من "صنعاء" لكي اذهب إلى الحلاق واحلق هذه «القعشة» وما حملتها من لحظات قاسية وصعبة ، وحلوة ومّرة .
-
وجاء اليوم الموعود ، الذي لطالما انتظرتهُ -أنا ومن عرفني عن قرب- لكي ارمي هذا الحمل من على جمجمتي ، وأجْتَزُّ هذه الشُعيرات المليئة بالذكريات الجميلة والدَميمَةٌ في حياتي والشواهد التاريخية ، واطلق العنان لشعيرات اخرى لعلها تكون شاهدة لحقبة جديدة ، ومتغيرات اخرى جديدة ، ومن يدري لعلها تكون في قادم الأيام شاهدة على إقتلاع الظلم من العالم بأسره.
-
سيداتي انساتي سادتي .. تلك باختصار قصة «قعشتي» المثيرة ، وتلك هي الأسباب الحقيقية لتربيتي لها .
ودمتم بود ^^
------
الصورة على اليمين بعد الحلاقة .. طبعاً واضح فيها اني مبرطم قليلة
0 التعليقات:
إرسال تعليق