الجميع يسأل عن الحل !
والجميع يريد الوصول الى الحل !
والكل يُمني نفسهُ للوصول الى الحل !
والحل المقصود هنا .. هو "حل" الخروج من هذه الأزمة التي تمر بها البلاد .
صحيح أن الحديث عن المشاكل من قبل مثقفينا وساستنا دون التطرق الى "حل" بصوره أو بأخرى ، يعتبر "ثرثرة" ليس أكثر ، و لا يزيد في الأمر إلا سوءً وتعقيد ..
وصحيح أيضًا ، أن أكثر مثقفينا وساستنا قد وقعوا في شراك هذا الفخ ، وأنحصر حديثهم في الآونة الأخيرة حول المشاكل وعن تفاقمها دون التطرق الى أي "حل" يذكر لما نحن فيه من إشكال ، ولا ندري ما السبب الذي أداء الى ركود مثقفينا وجمود الساسة المعنيين عن إدرار الحلول للأوضاع الراهنة !!
هناك العديد من الاحتمالات التي من ممكن أن نطلقها لتفسير الحالة التي وصل أليها ساستنا الكبار ، ومثقفونا الأوائل ، والمعنيين بأمرنا وصلاح حالنا ، ويمكن أن نجملها في عدة نقاط ؛ أهمها:
* العجز والكسل ، وعدم الاستشعار بالمسئولية من قبل المسئولين نفسهم ، والذي جاء بسبب تجارب سابقة "ايجابية" ولكن المجتمع لم يوفهم حقهم من الشكر والثناء بعد انجازها ، مقارنة بأعمال أخرى "سلبية" قُدمت من البعض ولكن كان له صدا أكبر من صدا العمل الايجابي ، الأمر الذي يؤدي الى ( عدم الاهتمام واللامبالاة ) لما يدور حولهم ، وهو شيء أسمة في علم النفس "فوبيا" من عمل الصواب وحتى وأن هو يعلم بأن عملهُ صائب 100% ولكنه يخاف من عمله ، وهي صفة ملازمة لدى الكثير من صناع القرار في بلادنا .
* التقدم في العمر ( الشيخوخة ) وطغيان الأسماء نفسها على الساحة اليمنية واكتساحها طيلة عقود ماضية طويلة ، الأمر الذي يجعل تلك المشاكل تبدو وكأنها صغيره في نظر من اعتادوا على الوقوع في تلك المشاكل في عهدهم دون أن يكون لديهم حس وطني للإسراع في أيجاد الحلول ، حتى تصبح شيء روتيني بالنسبة لديهم .
* ثقافة المحاصصة وعدم ترسيخ مبدأ ( الوطن للجميع ) : تلك الثقافة هي التي دفعت معظم المعنيين الى الركون الى الأخر وعدم المبالاة ، تحديدًا عندما تكون هذه المشكلة أو تلك ، ليست ضمن حدود وزارته المكلف عنها أو الوزارة التي تكون خارج حصة "حزبة" الذي ينتمي أليه ، وهو نتاج طبيعي لتفشي ثقافة ( الحزب أولاً ) وثقافة ( أنا خيرٌ منه ) تاركين "الوطن" وراء ظهورهم بسبب انشغالهم في مناكفاتهم الحزبية في أثبات فشل هذا الحزب أو ذاك على الأخر ، وقد يزداد الأمر سوء وتعقيدًا عندما يتعمد البعض على التجاهل لحل المشكلة في مكان ما ويتغافل عنها في وقت يكون هو المالك الوحيد لمفاتيح حلها أو تفادي الوقوع فيها ..
* التهميش والإقصاء : يعاني العديد من صناع القرار المؤثرين في بلادنا من تلك المعضلتين المذكورتين أنفًا ، والتي جاءت بسبب مآرب وأجندة حزبية ضيقة ، أدت الى إقصاء شريحة كبيرة من النجباء والفعالين ظلمًا وتعسفً و من دون أي سبب سواء عدم الانتماء الى حزبٌ ما ، أو مواقفه المناهضة لشخصية لها نفوذها في البلاد أو بسبب تبني موقفٌ معين يخالف سياسية هذا الحزب أو تلك الشخصية ، والتي تنامت حتى أصبحت ثقافة سيئة لدى غالبية المعنيين وأصبحت تمارس بكل سلاسة في معظم التعاملات .
* الخوف من قول الحق لما له من تبعات مخيفة قد تصل الى التصفية الجسدية في أسوء الحالات ، خصوصًا ذلك الحق الذي له أبعاد سياسية دينية ومذهبية ، وعدم ذكر عيوب ممارسات البعض وتصحيحها –أن وجدت- عند القريب قبل البعيد وعند الحليف قبل العدو ، بسبب المداهنة والمجاملة أو التعصب الأعمى لهذا الحزب أو تلك الشخصية .
وهناك الكثير من الأسباب التي لا يسعفني الوقت على ذكرها جميعًا ، ولكن ما ذكر أعلاه قد تكون أبرزها .
ومن هنا يتلخص لنا بأن المشكلة كبيره وتكمن في صناع القرار أنفسهم ، وقد يعتقد البعض بأن مجمل ما ذكر يعتبر تعريضّ لشفرات حل الإشكالية الواقع فيها البلاد وتعقيد لها والأطاله فيها من خلال ذكر مشاكل إضافية الى جانب المشاكل الحالية ، ولكن الحقيقة هو ليس تعريض والجميع يعلم بأهمية ما ذكر ولكن أغلبهم يتغافلون عنها نظرًا لصعوبة حلها أو أستحالته ، لان لا يوجد حل أنسب لكل ما ورد إلا تغيريهم وأستبدالهم بكوادر جديدة جديرين بتولي المهام الموكله أليهم ، ومتحمسين لمواجهة الصعاب وخاليين من العيوب والشوائب الموجوده في من سبقهم .
وإلا فأن لا خيار لهم سواء الأستعانة بـ"الحل" الأخر الذي دَأَبَ عليه الوضع طيلة أربعة عقود ماضية ، وهو الصبر والإنتظار الى أن يتخلصوا صناع القرار من القيود التي تمنعهم من مباشرة عملهم وحل الإشكاليات التي تواجههم بالمسكنات والعقاقير المهدئه التي لا تأتي إلا بنتائج مؤقتة وسرعان ما تزول وتعود نفس المشكلة ولكن بمضاعفات أكبر وأكثر تعقيدًا من السابق .
إذًا فأن الشعب أمام خياران ، أما الحل الأول والذي يبدو وأنه أصبح بعيد المنال نوعًا ما ، أو الحل الثاني الذي أصبح في معظم الأحوال لا مفر منه ، ولن يحدد ذلك سواء "العشب" نفسه ، أما السكوت والرضاء بهذا الوضع وهو ما سيفرض علينا الحل الثاني أو الخروج والمطالبة بحقة ، وهو ما سيفرض على "الحكومة" تبني الخيار الأول الذي سيريح الجميع ..
شـــارك بـرأيــك