(صناعة الطُغاة )
نشكيّ من "الطغاة" ونئَنّ من أعمالهم ، ولكن لا احد منا يسأل عن :
- من هم الطغاة !؟
- ومن اين جاءوا !؟
- ومن يصنعهم !؟
- وكيف صنعوا !؟
لو وقفنا قليلآ و حاولنا التفكير بجدّية لإيجاد اجوبة مناسبة لهذه الاسئلة ، لعرفنا الاسباب التي بموجبها ستَزيّل علامات التعجب من تساؤلاتنا، لأننا عندما نعرف السبب سيَزُولُ العجب -كما كان يقول العرب قديمآ- والذي بزَوالة أيضآ سنتحاشَى كل كل تلك الاعمال التي تعجل من صناع الطغاة .
والآن لنتوقف عند السؤال الأول ، كي نحاول الإجابة عليه .
- من هم الطغاة !؟
"الطُغاة" هم اناس من بني البشر يتميزون عن العامة بصلاحيات واسعة ونفوذ كبير خوّلت اليهم من قبل تزكية الافراد لهم .
- من اين جاءوا !؟
جاءوا من بين أوساط العامة الذين يَكْتَوُون من نيران طُغيان هذا الطاغية أو ذاك ، فهم ليسوا مخلوقات فضائية نزلت من السماء أو كائنات غريبة جاءت من كوكب اخر ، بل هم جاءوا من خلالنا ومن بين اوساطنا .
إذًا لنقف قليلا عند هذان الجوابان، ولنسرد تفسيراتنا السريعة حولهما .
إن المتأمل في هذين الجوابين سيجّد بأن الجميع يمكن له ان يكون "طاغية" جديدة ، خاصة بعد أن تعرفنا بان الطغاة ليسوا مخلوقات فضائية ، بل هم اناس عاديين -مثلنا مثلهم- قادمين من اوساط المجتمع الذي نعيش فية ، إي ان الجميع عبارة عن مشاريع "طغاة" صغيرة.
الآن نكمل الإجابة عن بقية الاسئلة .
- من يصنع الطغاة !؟
ان الذي يصنع الطغاة هم نحن .
نعم نحن من نصنّع الطغاة ، وذلك من خلال ممارساتنا الخاطئة ومعاملاتنا السلبية إتجاههم .
ان طريقة صناعة الطغاة سهلة ، لا تقل سهولتها عن طريقة تحضير كوب من القهوة، وذلك من خلال زيادة التعظيم لهم أو اعطائهم حجمًا اكبر من حجمهم الطبيعي .
اما السبب الحقيقي في صناعة "الطغاة" فهو العمل على تذليل كل الصعاب والمعوقات التي تحوّل بينهم وبين الوصول إلى ذلك ، من خلال تعبيد الطريق لهم وخلق الاعذار والمبررات المجانية بعد كل عمل طغياني يقومون به !!
لأن الطاغي لا شيء يخشاه ويقف في طريقة من الأستمرار في طغيانة غير شيئان ، هُما :(وازعهِ الديني ، والعقوبة الدنوية) ، وعند غاب الوازع الديني ، فلن يتبقى له عائق سواء الخوف من (سخط الناس والعقوبة المعنوية) اللذان يندرجان تحت بند "العقوبة الدنيوية" الذي سرعان ما سيسقط ويزوّل عند اول تبرير يسمعهُ لاعماله الطغيانية من قبل رعيتة !
ومن هُنا يبدأ الطاغي من وضع اللَّبِنَةُ الأُولَى له في تشييد صرحة "الطغياني" .
وبعد ذلك يستعد لخوض المرحلة التالية والتي يخرج فيها عقلة من نطاقه التفكير الذي كان يفترض به ان يكون مُنصّب لمصلحة من هم تحت مسئوليته إلى نطاق التفكير والتخطيط لممارسة ما اعتاد على ما سيجد المبرر جاهزآ لكل ما يقوم به .
ويتطور مشروعة "الطغياني" مع مرور الايام حتى تصبح ثقافة متأصلّة في خفايا وجدانه وغريزة مُتجذّرة يصعب التخلص منها ، وخاصة عندما يقتنع صاحبها بفكرة "أن ما يقوم به هو الصح" أو "هو الأجدر" أو "هو نابع من باب الحكمة" وغيرها من التبريرات ، التي ستأتي اليه جاهزة -وبكل غباء- من الناس انفسهم !!
0 التعليقات:
إرسال تعليق